أحمد المالكى

هل ظلم الإسلام المرأة؟ «2»

الأحد، 23 ديسمبر 2018 08:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

 القوامة تتناسب مع ما أودعه الله فى الرجل من استعدادات فطرية تلائم مهمته وتتناسب مع إنفاقه على الأسرة

بين حين وآخر تُثار شبهة قديمة حديثة مفادها أن المرأة مظلومة مهضومة الحق، وبخاصة حين جعل الإسلام القوامة للرجل دون المرأة كما فى قوله تعالى: «الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ». النساء «34»
 
ولكن عند النظر السريع ليس المتعمق إلى المنهج الإسلامى فى التعامل مع المرأة، سيدرك الناظر القدر العظيم الذى أعطاه الإسلام للمرأة، فما زال النبى الكريم يوصى بحسن عشرة النساء، ففى حجة الوداع أمام الآلاف المؤلفة وقف النبى، صلى الله عليه وسلم، قائلًا: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّهُنَّ عِنْدَكُمْ عَوَانٍ» إلى أن قال: «إِنَّ لَكُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ حَقًّا، وَلِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقًّا، فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ، فَلَا يُوَطِّئْنَّ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ، وَلَا يَأْذَنَّ فِى بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكْرَهُونَ، أَلَا وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ فِى كِسْوَتِهِنَّ، وَطَعَامِهِنَّ» رواه البخارى ومسلم.
 
وخير الناس خيرهم لأهل بيته.
 
وقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِى». رواه الترمذى
روى الإمام أحمد بسند صحيح عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَكْمَلُ المؤْمِنِينَ إِيمَانًا، أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَخِيَارُهُمْ خِيَارُهُمْ لِنِسَائِهِمْ». رواه أحمد 
 
كل ذلك حفاظًا على المرأة وإعلاء لشأنها وتقديرًا لها، ولكن لما كانت الأسرة كسائر المؤسسات الاقتصادية والمجتمعية والتربوية تحتاج إلى قائد يقودها ويسوسها، جعل القرآن القوامة فيها للرجل دون المرأة، فالمسؤولية الأولى والكبرى تقع على الرجل.
 
ولكن إذا وقفنا وقفة تأمل أولًا قبل أن نحدد المسؤول الأول عن الأسرة ولمن تكون القوامة، لا بد أن نتفق على أن أى مجتمع صغير أو كبير لابد له من قائد يسوسه ويحوطه بنصحه ورعايته، وفِى حالتنا هذه نحن أمام أحد خيارين: إما أن نجعلها للرجل أو للمرأة.
 
ونحن نقصد بذلك المسؤولية الأولى، وإلا فالمسؤولية بعد ذلك مشتركة بينهما.
 
إن من نظر نظرة تأمل يدرك أن الله خلق الرجال لغاية، وأعطاهم من الملكات والإمكانات ما يعينهم عليها، ومن ذلك قضية القوامة فى الأسرة، لأنه مسؤول عن رعاية البيت ونفقته، وليس واجبًا على المرأة أن تكدح وتعمل لتضمن مكانًا لها فى البيت، ولكنه واجب على الرجل، والمرأة مكفولة النفقة، أمًّا كانت أو بنتًا أو زوجة، فواجب على الرجل الإنفاق على الأسرة عمومًا والزوجة خصوصًا، ولو كانت ذات مال ووظيفة، فقد أمر النبى صلى الله عليه وسلم بذلك: «أَلَا وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ فِى كِسْوَتِهِنَّ، وَطَعَامِهِنَّ» رواه البخارى ومسلم
 
وفى سبيل تقرير هذا الحق، نجد أنَّ الشريعة الإسلاميَّة أباحَت للمرأة أن تأخذَ من مال زوجها بغير إذنه، وبدون عِلمه إن منَع عنها نفَقَتها، كما فى حديث هند امرأة أبى سفيان حينما قالت للنبى، صلَّى الله عليه وسلَّم: «يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يُعطينى ما يكفينى وولدى، إلاَّ ما أخَذتُ منه وهو لا يعلم»، فقال: «خُذى ما يكفيك وولدك بالمعروف». رواه ابن ماجه.
 
وليعلم القارئ أن العلاقة  الزوجية قائمة على حقوق وواجبات متبادلة، ومنها مبدأ الأخذ والعطاء «وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِى عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ». البقرة «228»
 
وهذه الدرجة «القوامة» تتناسب مع ما أودعه الله فى الرجل من استعدادات فطرية تلائم مهمته وتتناسب مع إنفاقه على الأسرة.
 
ولكن يجب أن نُنبه على أمر مهم، ألا وهو:
 
أن هذه القوامة لا تعنى تفرد الرجل بالقرار، فسيد الناس صلى الله عليه وسلم كان يستشير زوجاته، بل كان يستشيرهن فى بعض القضايا التى تتعلق بالدولة، كما فعل مع أم سلمة رضى الله عنها، فعن المسور بن مخرمة ومروان يصدق كل واحد منهما حديث صاحبه، فى حديث الحديبة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: «قوموا فانحروا ثم احلقوا»،  قال: «فوالله ما قام منهم رجل»، حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة فذكر لها ما لقى من الناس، فقالت أم سلمة: «يا نبى الله أتحب ذلك، اخرج ثم لا تكلم أحدا منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك»، فخرج فلم يكلم أحدا منهم حتى فعل ذلك، نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه،  فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غما». رواه البخارى
وفى الأخير: القوامة للزَّوج على زوجتِه تكليف للزَّوج، وتشريف للزَّوجة، بأن جعلها تحت قيِّم يقوم على شؤونِها وينظر فى مصالحها ويذبُّ عنها، ويبذل الأسباب المحقّقة لسعادتها وطمأنينتِها.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة